السبت، 22 سبتمبر 2012

الرواية العربية : الذاكرة والتاريخ

ملتقى االباحة الأدبي الخامس للرواية العربية (الرواية العربية : الذاكرة والتاريخ) بقلم : د. حسين المناصرة
تسهم بعض الأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية بدور فاعل في تنشيط الحراك الثقافي الأدبي النقدي داخل المملكة وخارجها؛ حيث يعقد في العام الواحد أكثر من خمسة أو ستة ملتقيات نقدية ، يشارك فيها عدد كبير من النقاد محليًا وعربيًا ودوليًا، وينتج عن ذلك عدد مهم من الأبحاث والدراسات النقدية؛ التي تصدر - عادة- في كتاب أو أكثر. ولعلّ أهم ما تتميز به هذه الملتقيات هو أنها تشكل مساحة ثقافية مهمة لالتقاء المثقفين والنقاد والمبدعين في سياق حوارات نقدية عن الخطابات والقضايا الإشكالية التي تطرحها هذه الملتقيات من خلال عدة محاور، تكون في العادة إشكالية، تثير كثيرًا من الأسئلة والاختلافات بين المتحاورين نقادًا ومهتمين. وتعد الجرأة في الطرح وعدم المجاملة والابتعاد عن الشللية معيارًا جوهريًا في نجاح هذه الملتقيات وأهميتها... إن ملتقى الباحة الأدبي الخامس ، الذي خصصه النادي في دوراته الأربع في أربعة أعوام للرواية، يعد من الملتقيات المهمة في المملكة، ليس لأن الرواية من أهم الأجناس الأدبية وأشهرها عالميًا فحسب ؛ وإنما لحرص إدارة النادي على أن يكون مستوى هذا الملتقى عالميًا من خلال تنوع المشاركين فيه واختصاصهم في السرديات من جهة ، والحرص على قبول المشاركات المميزة؛ حيث تقدم في هذا العام أكثر من خمسين باحثًا، ثم وقع الاختيار على نصفهم تقريبًا للمشاركة ؛ وذلك من خلال قراءة المكتوب من عنوانه ؛ فالملخص الجيد هو الذي يحظى بالمشاركة في الملتقى من منظور اللجنة المحكمة. طرح الملتقى في هذا العام موضوع " الرواية العربية: الذاكرة والتاريخ"، وحدد عددًا من المحاور التي تلزم الباحثين والنقاد بالتقيد بأحدها، حتى يحقق الملتقى أهدافه في سياق موضوع أو إشكاليات محددة. لقد شاركت باحثًا في ثلاثة ملتقيات سابقة، وأظن أنني أنجزت ثلاثة أبحاث أعتز بها؛ لأن هذه الملتقيات تحرض على الكتابة المسؤولة والمعتنى بها، وبخاصة أن ما يقدمه الباحث لا بدّ أنه سيناقش وينتقد... وقد يُهدم بسبب ما يشوبه من ضعف أو خلل مبنى ومعنى. عندما دعيت للمشاركة في هذا الملتقى الخامس المهم - في تصوري – كانت تنتابني حالة من الكآبة الثقافية؛ فلم أتمكن من إنجاز الملخص ، ومن ثم لم أشارك في الملتقى للأسف. ثم عندما اتصل بي رئيس نادي الباحة الأدبي الأستاذ الشاعر حسن الزهراني؛ لكي أشارك ضيفًا من خلال المداخلة على الأوراق النقدية في الملتقى، قلت له : يبدو أنك تريد أن تكثر أعدائي؟! إدراكًا مني ومن غيري لأهمية أن تكون الحوارات النقدية جادة وصريحة، وبعيدة عن المجاملة التي ستفشل أي مشروع نقدي جاد، يسعى إلى أن يكون إشكالًيًا مؤثرًا. هناك أسئلة تطرح قبل الملتقى وأخرى بعده ؛ فما يطرح في بداية الملتقى يتشكل في مستوى: هل سيقدم الملتقى جديدًا؟ هل الأوراق النقدية ستكون في مستوى الأسماء المشاركة ؟ هل يتكرر النقاد بين ملتقى وآخر؟! ما حجم الحضور ونوعيته ؟ وهل النقاد سيسمعون بعضهم بعضًا ولن يسمعهم أحد من خارج دائرتهم؟ أما الأسئلة التي ستطرح بعد نهاية الملتقى فهي تختزل نفسها في تحقيق الأهداف والنتائج على طريقة الإعلام الثقافي، مثل : هل نجح الملتقى أم فشل؟ لماذا غاب الجمهور ؟ أين حضور المثقفين وطلاب الدراسات العليا؟ هل الثقافة أمست مثل رقّاص العتمة لا أحد يراها؟! بكل تأكيد، سيكون ملتقى نادي الباحة ناجحًا بإذن الله؛ لأن ملتقياته السابقة قد أنجزت نقدًا سرديًا مهمًا؛ وقد طبعت الأبحاث في ثلاثة كتب مرجعية في النقد السردي الحديث، لا بدّ أنها ستسهم في إثراء الحركة النقدية السردية محليًا وعربيًا وعالميًا. كل ما أتمناه أن يكون هذا الملتقى الخامس في نقد الرواية علامة نقدية ثقافية فارقة، تسجل لهذا النادي المخلص في أداء دوره الثقافي الريادي في مجال تخصص ملتقاه في الرواية أو الدراسات السردية . والله ولي التوفيق.