الأحد، 16 يناير 2011

وهج السرد

حفلة كُتُب
د. صالح زياد


يأتي كتاب حسين المناصرة «وهج السرد مقاربات في الخطاب السردي السعودي» في سياق الجهد المتصل الذي يبذله بصدد المتابعة للمنجز السردي السعودي، وقد صدر له عام 2008م كتاب عن الرواية في ما يقارب 400 صفحة بعنوان «ذاكرة رواية التسعينات». لكن الكتاب الذي بين أيدينا يختلف عن كتابه السابق في جهة انقسامه إلى فصول يناقش كل منها قضية أو موضوعاً من خلال عدد من شواهده الروائية. وبالطبع فهو يفيد في أطروحاته هنا من نتيجة بحثه وكشوفه التي تضمنها كتابه السابق، فيعيد بناءها وصياغتها بما يستبدل بتناول النماذج مفردة تناولها مجتمعة، وإلى جانب ذلك فالكتاب يحفل بدراسة نماذج روائية من روايات هذا العقد.

مرايا التأويل

التأويل في «مرايا التأويل»

صالح السهيمي*

أصدر مؤخرًا الناقد السعودي الدكتور معجب العدواني كتابا نقديا بعنوان "مرايا التأويل " قراءات في التراث السردي. نادي الرياض الأدبي والمركز الثقافي العربي . 2010 م.



تناول الناقد في كتابه بعض الأشكال السردية القديمة في تراثنا العربي مقدما قراءاته التأويلية الكاشفة عن رؤى جديدة في أجزاء كبيرة منها، ومتقاطعة مع رؤى أخرى سائدة لدى الكتّاب العرب المعاصرين، لاسيما من حيث التأكيد على كنوزية الجانب الحكائي في تراثنا العربي والإنساني، والدكتور العدواني عبر هذه الدراسة الشائقة والشائكة يوغل بالقارئ إلى مناطق جديدة ومتقدمة لتأويل الحكاية، ولعل التأويل وما يحمله من حرية الانفتاح؛ كفيل بتفتيت مركزية الحكي، وكفيل بالتعدد في التأويل لهذه المركزية التي تستمد حضورها من الجانب الإثرائي للحكاية وما تكتنزه من حضور عبر الأزمنة، فالتأويل الذي يهتم به الناقد يُعنَى بجانب التفكيك لخطاب السردي في الحكاية، التفكيك القائم على تفتيت السلطة الحكائية؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعيد انتاج البنية الحكائية وما تحمله من خطاب أدبي وثقافي على مستوى التلقي والقراءة.

وحين تتمركز فلسفة (المعنى) عند هسرل حول مفهومه القائل: "بأن الوعي هو الوعي بشيء ما"، وعندما تتمحور فلسفة (الفهم) لدى غادامير بأنَّ "الفهم هو فهم شيء ما"؛ فإنَّ فلسفة التأويل عند الناقد تقوم على الوعي بالفهم والمعنى على حدٍّ سواء، وعلى الدلالة التأسيسية للتعدد في القراءة، ولعلَّ التحليل والتأويل الذي قام به الدكتور العدواني من خلال قراءاته للحكايات كفيل بالكشف عن حضور المعنى والفهم في تأويلاته الكاشفة عن تجدد الحكاية واستمرارية الحكي عبر الزمن، ومن ثمَّ الاتكاء على فحص الجانب الدلالي الذي يشي بحضور الفهم في دوائر المعاني الناتجة عن الخطاب الحكائي.

لذا كان لزاما على الناقد أن يؤسس لرؤيته التنظيرية من خلال التأويل والاشتغال الدلالي على مجموعة من الحكايات العربية القديمة، وهنا يمكنني أن أسجل أهمية التطبيق لاسيما في الجانب التأويلي للنص الأدبي، لأنَّ التأويل من أكثر القضايا الأدبية والثقافية التي ينبغي أن تدرس؛ لِمَ تحمله من خطورة على مستوى وظيفة التلقي.

وحين ينطلق الباحث في قراءاته التطبيقية للحكاية التراثية عبر منهج تأويلي يدرس من خلاله هذا الحضور في: حكاية الأمثال العربية، وحكاية الشعراء لاسيما الاجتماعي منها، والحكاية الشعبية بوصف حضورها السلطوي في التلقي، إذ تعدُّ هذه القراءات المنتقاة لبعض الحكايات العربية القديمة اختيارات لها دلالتها التجديدية من جهة، ولها حضورها في وعي الإنسان العربي منذ أقدم العصور حتى وقتنا المعاصر.

ففي حكاية الأمثال العربية يتوقف عند بعض الأمثال العربية: سبق السيف العذل، وجزاء سنمار، ليقارب المحتوى الدلالي والتأويل المكتنز لحكايات الأمثال، ومن ثمَّ عطف بحضور السمّ في التراث العربي والعالمي. أما حكايات الشعراء فنراه يتمثل أمام حكايات الشعراء بدءًا بحكايات الشاعر المجنون ( مجنون ليلي) متتبعا الخطاب السردي للجنون ومن خلال علاقة العشق بالجنون من جهة، وتأثير الجانب السردي في إذكاء الخطاب الحامل للحكاية من جهة أخرى. وحكاية الشاعر الشنفرى مع الأطلال والحضور الأنثوي لاسيما الأمّ التي حاول الشنفرى أن يعلي من حضورها، وحكايات سحيم عبد بني الحسحاس متتبعا الناقد من خلالها دلالتي اللكنة واللون وأثرهما في الدوائر الحكائية التي صيغت في مواضع شتّى.

وختم الناقد بالحكاية الشعبية وما لها من أبعاد عجائبية للكشف عن بعض الأسئلة التي تطرحها هذه الحكاية الشعبية، والتأويل هنا يقوم على الكشف "عن ذلك المخبوء والمعمّى البعيد عن التناول، عبر محاولة البحث عن عمق تلك المكونات" الكتاب: ص(109). وحقيقة هذه المكونات تتعدد بحسب القانون الشفاهي المحيط بالحكاية الشعبية؛ لذا تكمن خطورة التعدد القرائي للحكاية الشعبية في جانب التعبير الشفاهي المتعدد للمجتمع، إلا أنها حينما تكون مقيدة بالكتابة فإن الأمر يسهل، ورغم هذا الفرق؛ تظل الحكاية الشعبية أكثر إشكالية من حيث الانتاج الدلالي/التأويلي، والتعدد القرائي وآليات التلقي.

ولعل الإشكالات في القراءات التأويلية للحكايات التراثية التي واجهت الناقد كانت ماثلة وحاضرة في ذهنه لاسيما ما نجده في أزمة السياق، والتداخل الإجناسي في النصوص الأدبية، والتجريب الذي يقوم على تأويل النص النثري القديم.

وأخيرًا تبقى أن أشير إلى أهمية الكتاب من حيث تناوله للجانب التأويلي في الحكايات التراثية المحاطة بهالة من الأسئلة الشائكة، الأسئلة التي تثير في المتلقي الكثير من أوجه الاتفاق والاختلاف على حدٍّ سواء.

*(قاص وباحث)

السبت، 15 يناير 2011

وحدة السرد


وحدة السرد
 بقلم:  د. حمد البليهد

أي شيء دهى السرد حتى صار هو الأدب!  بل أي شيء دهى الأدباء والمثقفين حتى أكثروا من السرد!
بهذين السؤالين عبر صديقنا الدكتور إبراهيم التركي قبل سنوات خلت عن دهشته وهو يتأمل المشهد الثقافي العالمي يحث الخطى نحو السرديات وينصرف عما سواها، حتى غدا السرد هو ديوان العالم وليس العرب وحدهم؛ فقد «انحسرت صيغ التعبير القديمة» وفقدت كفاءتها وقدرتها على تمثيل تحولات الواقع، فتراجعت بصورة لم تشهدها الآداب العالمية من قبل، والأدب العربي بصفة خاصة، فبعد أن كانت مقولة «الشعر ديوان العرب» هي البوصلة التي تقود الثقافة العربية أزمنة طويلة، ومن أجلها تم استجلاب نظريات ومناهج غربية لمقاربة صفحات ديوان العرب، حدث ما لم يكن بالحسبان، وتغيرت أشياء كثيرة «عندما تغير العالم» بحسب جيمس بيرك.
ولم يقتصر الاهتمام المدهش بالسرديات على المنابر الإعلامية بشتى وسائلها لتساق طبيعتها الترويجية ذريعة لكل ما هو جديد، فالأمر للمتأمل أعمق من هذا التبسيط وأشد تعقيداً، فقد فرض السرد نفسه بكل ثقله وتنوعه على الدرس الأكاديمي في أعرق جامعات العالم، وأثبت حضوره في الأبحاث والدراسات العلمية، وتأسست من أجله مراكز ومختبرات في أقسام العلوم الإنسانية، اهتماماً بأشكاله ومجالاته، وبحثاً في ما أنتجه من مفاهيم ومصطلحات.
وإذا كان الإنسان كائنا سرديا بالفطرة، يميل إلى رغبة القص، فلا يمكن تفسير ما أنتجته الشعوب من أشكال السرديات بأنها مجرد وسيلة لهو لتمضية الأوقات، أو أنها حقل لتدوين الأخبار والوقائع، بل هي أنظمة لغوية تحوي في طياتها ثقافة الشعب وحضارته وقيمه وأفكاره، ولأجل الكشف عن هذه الكنوز المخبوءة من الأنساق المتنوعة حظي السرد بهذا الاهتمام المتزايد على مستوى البحث العلمي.
وقد حظيتُ الأسبوع الفائت بدعوة جميلة لحضور الاجتماع التمهيدي الأول لوحدة السرد في قسم اللغة العربية، وهي نواة فتية لمشروع طموح تم بلورته حديثاً في سياق الاهتمام العالمي بتلك التغيرات الكبرى التي طالت جوانب مختلفة من جوانب النشاط الإنساني كافة، ويستمد هذا المشروع أهميته من طموحه لتمثيل هذا التنوع في صيغ التعبير الإنساني، ومحاولة سبر مرجعياتها الواقعية والثقافية، كما يستمد حيويته أيضاً من تنوع الأقسام الفاعلة ضمن هذا المشروع، فهي بمثابة روافد مهمة تضمن له التنوع والاختلاف والانفتاح على الآخر.
تمنياتي لكل القائمين على هذا المشروع بالتوفيق وتحقيق الطموحات المرجوة.

طفرة الرواية النسائية في السعودية

طفرة الرواية النسائية في السعودية ... ما أسبابها وما الآثار التي تترتب عليها؟
الثلاثاء, 11 يناير 2011
الرياض - «الحياة»
طفرة الرواية النسائية في السعودية، ما أسبابها وما الآثار التي تترتب عليها؟ طرحت في أولى ندوات وحدة السرديات في كلية الآداب بجامعة الملك سعود، والتي نظمت أخيراً بعنوان «قضية وثلاث رؤى». شارك في الندوة الدكتور صالح الغامدي والدكتور أحمد صبرة، والدكتور إبراهيم خليل، وأدارها الدكتور معجب العدواني. وقدموا تصورات حول الطفرة الروائية.
وتساءل الدكتور صالح الغامدي عن مدى دقة مصطلح الطفرة في التعبير عن ظاهرة غزارة الإنتاج السردي النسائي في المملكة. لكنه تجاوز هذا إلى محاولة البحث عن الأسباب التي أدت إليها. وقد حددها في مجموعتين من الأسباب: أسباب داخلية تتعلق بالظروف السياسية والاجتماعية والفكرية والتقنية التي نشأت في المملكة خلال العقدين الآخرين، الأمر الذي أنتج قدراً لا بأس به من الحرية لمناقشة قضايا المجتمع السعودي العامة وقضايا المرأة على وجه الخصوص، وهذا بدوره شجع الكاتبات على التعبير عن شؤونهن وقضاياهن من خلال وسائل متعددة لعل من أهمها الرواية، إذ شكلت الأداة السلاح الأقوى لدى المرأة للدفاع عن حقوقها والتعبير عن مشكلاتها والاحتجاج على أوضاعها، والبوح بعواطفها وانفعالاتها، خصوصاً عندما تتخذ المرأة قناعاً لكتابة سيرتها الذاتية.
وتوقع أن التقنع بالرواية في كتابة السيرة الذاتية النسائية في المملكة لن يدوم طويلاً، وأن الساحة ستشهد ربما قريباً ظهور سير ذاتية نسائية مثيرة. كما قال إن هناك أسباباً خارجية، تكمن في الاحتفاء الذي لقيته الرواية النسائية السعودية لدى الآخر العربي والغربي نشراً وقراءة، خصوصاً فيما يتعلق بمضامينها، فقد أتاحت الرواية السعودية النسائية لهذا الآخر فرصة نادرة وثمينة للاطلاع على خفايا قضايا المرأة السعودية ودقائقها، بعد أن كانت بعيدة المنال عليهم. فقد قدمت الرواية، في رأيه، صوراً نسائية غير مألوفة ومثيرة ومدهشة وفي بعض الأحيان صادمة. ونظر الغامدي إلى الرواية السعودية "بوصفها مصدراً معلوماتياً مهماً يستعملها النقاد والمؤرخون والدارسون الاجتماعيون في دراساتهم للمجتمع السعودي المعاصر، ضاربين في غالب الأحيان بالأبعاد الجمالية للرواية - التي لم تكن في الغالب الأعم قوية على أية حال - عرض الحائط". ومن العوامل الأخرى التي شجعت على انتشار كتابة الرواية النسائية السعودي ظهور رواية بنات الرياض لرجاء الصانع، فقد شكلت هذه الرواية، بحسب الغامدي، منعطفاً حاداً في تاريخ السرد السعودي بشكل عام، والنسائي منه بشكل خاص.
وأما الدكتور أحمد صبرة فتساءل في البداية: هل نحن أمام طفرة سردية نسائية في المملكة؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال، قال إنه يحسن تحرير بعض المصطلحات في هذا السياق، «أولها مصطلح الطفرة نفسه، ماذا يعني؟ وإيضاحه في سياق الأدب يستدعي حقلين يبدو أنه يمارس فيهما دوراً أكثر وضوحاً: أولهما حقل الاقتصاد، والطفرة فيه رقمية سواء في معدلات النمو، أو في مؤشرات السوق، وثانيهما حقل الدراسات الجينية حين تسلك خلية سلوكاً غير مفهوم ينتج منه ما يسمى بالطفرة الجينية التي تعطي خصائص للخلية لم تكن لها قبل هذا السلوك غير المفهوم، وتبدو الطفرة هنا نوعية بالآثار التي تترتب عليها، فماذا عن الأدب؟ وماذا عن السرد؟ وماذا عن كتابات المرأة في المملكة؟ يبدو هنا أن الأرقام تعزز مفهوم الطفرة، فعدد الروائيات السعوديات اللاتي نشرن عملاً واحداً أو أكثر يكاد يقترب من المئة. وكل عام تصدر روايات نسائية يبلغ عددها من عشرين إلى ثلاثين رواية. وإذا قيس هذا الرقم بما كان عليه الحال قبل عشرين سنة، فإن الرقم كان هزيلاً جداً، إذاً فإن سياق الأرقام يعزز مفهوم الطفرة. فهل ارتبطت الطفرة الرقمية بطفرة نوعية؟ إن الإجابة عن هذا السؤال ليست هينة، فلكي تصل إلى حكم علمي دقيق يؤكد هذا المفهوم يجب أن يكون هناك ما يمكن تسميته بالخريطة الدلالية للمكون السردي الذي كان، والذي أصبح كائناً. لكن الموجود أقرب إلى الانطباعات الأولية، التي لا يمكن أن نبني عليها أحكاماً علمية».
وأشار صبرة إلى أن من هذه الانطباعات «أن الكتابة النسائية السعودية تحتفي بالجنس، بل تعبّر عنه تعبيراً صريحاً لم يكن موجوداً. لكن استقراء الروايات لا يجد إلا اسمين أو ثلاثة هي التي يرتبط بها هذا الشكل من الكتابة: صبا الحرز وسمر المقرن. أيضاً من هذه الانطباعات أن الكاتبة السعودية أصبحت أكثر جرأة في التعبير عن هويتها مقارنة بما سبق، والدليل هو رواية بنات الرياض التي ألقت صاحبتها حجراً في المياه الساكنة ثم مضت بهدوء إلى النسيان. لكن موضوع الهوية موضوع معقد، وطرق التعبير عنه أكثر مراوغة وتلاعباً مما يمكن إدراكه بيسر مع ذلك هناك حقائق يجب أن تقال في هذا السياق: أولها أن جل الإنتاج الروائي النسائي ينشر خارج المملكة، مع أن متلقيه الأساسي هو المتلقي المحلي. وهو أمر لا يجب تجاهله. فالرواية النسائية السعودية رواية أيديولوجية تسعى إلى تحقيق مكاسب للمرأة داخل مجتمعها».
ومن الانطباعات التي يتوقف عندها صبرة «تحول في الذائقة الأدبية داخل المجتمع السعودي، تحول من الذائقة الشفوية السمعية التي تحتفي بالإيقاع وفنها الأول هنا هو الشعر إلى الذائقة الكتابية البصرية وفنونها كثيرة أهمها هنا النص السردي. هذا التحول أوجد متلقياً داخل المجتمع يعيش من خلاله الفن السردي وينمو ويزدهر. وإذا كانت الرواية فناً برجوازياً في المقام الأول، فإن النمو الكبير للطبقة الوسطى في المملكة ساعد في ازدهار هذا الفن، وقد نالت المرأة منه نصيباً وافراً».
من ناحيته، أبدى الدكتور إبراهيم خليل المتحدث الثالث في الندوة، اعتذاره لكونه لم يطلع اطلاعاً كافياً على الرواية النسوية في المملكة، مشيداً بما ذكره الغامدي عن العوامل الداخلية الذاتية والموضوعية الخارجية التي تمخضت عنها تلك الطفرة في الرواية النسوية، كما نوّه بما ذكره الدكتور صبرة عن مفهوم الطفرة، وهل ما نراه في السعودية من رواية نسوية يمثل طفرة أم أنه شيءٌ طبيعي.
وقال مؤلف كتاب «في السرد والسردي النسوي» إنه من خلال متابعاته القليلة للرواية النسوية في السعودية، لفتت نظره روايات منها «الوارفة» لأميمة الخميس، ومنها «سيقان ملتوية» لزينب حفني، و"جاهلية" لليلى الجهنى، مشيداً بما في هذه الروايات من بنية فنية محكمة، ومن لغة رائقة وأداء سردي ناضج. ونبه مؤلف «بنية النص الروائي» على وقع بعض الكاتبات في أخطاء على مستوى الحبكة، ومنهن مثلاً قماشة العليان في «أنثى العنكبوت»، وعائشة عبدالعزيز الحشر في رواية «سقر»، وزينب حفني في رواية «ملامح»، مشيراً بإيجاز إلى بعض التناقض على مستوى الرواية للأحداث، أو رسم الشخوص، فضلاً عن الركاكة في اللغة.
ودار نقاش في أعقاب كلمات المتحدثين لاحظ فيه الحضور تشابه الآراء التي طرحها المتحدثون في تتبع ظاهرة السرد النسوي، كما ناقشوا الفرق بين النسوي والنسائي في السرد. وكان ترجيح الدكتور معجب العدواني أن السرد النسائي هو السرد الذي تكتبه امرأة لا تنتمي للحركة النسوية ولا تعتنق أفكارها، وأما السرد النسوي فيمكن أن تكتبه امرأة أو رجل، والشرط هنا أن تكون أو يكون معتنقاً للأفكار النسوية في مقاومة فكرة الاضطهاد ومركزية الرجل.
http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/222085

ملامح ملحمية في السرد العربي القديم


ملامح ملحمية في السرد العربي القديم

قدم الدكتور محمد خير البقاعي، أستاذ النقد في قسم اللغة العربية وآدابها، ورقة هي باكورة ما تقدمه وحدة السرديات، التي شُكلت مؤخراً في كلية الآداب بإشراف قسم اللغة العربية، وقال الدكتور البقاعي في هذه الندوة التي أدارها الدكتور حسين المناصرة، وحضرها جمهور لافت: إن أهمية أي مركز بحثي أو وحدة بحثية تنبع من المشروع الذي تتبناه تلك الوحدة أو ذلك المركز، وهو مشروع ينبغي أن يستفيد منه الباحثون من طلبة الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وينشر في كتاب يصدر باسم المركز أو الوحدة. ودعا الدكتور البقاعي إلى تبني مشروع دراسة الدراسات التي قامت حول السرد العربي القديم، واستخلاص فرضية عامة تغني عن العودة إلى ما كتب والالتفات إلى ما ينبغي أن يكتب، ولا يكون ذلك إلا بمثل هذا المشروع. ولما كان نقد الرواية على وجه الخصوص، والسرد على وجه العموم هو اليوم من الاتساع والانتشار ما ينبغي معه تمتين الأسس التي يقوم عليها. وقال الدكتور البقاعي:

     إن "السرد فعل لا حدود له. يتسع ليشمل مختلف الخطابات سواء كانت أدبية أو غير أدبية، يبدعه الإنسان أينما وجد وحيثما كان. يصرح رولان بارت قائلاً: "يمكن أن يؤدى الحكي بواساطة اللغة المستعملة شفاهية كانت أو كتابية، وبوساطة الصورة ثابتة أو متحركة، وبالحركة، وبوساطة الامتزاج المنظم لكل هذه المواد. إنه حاضر في الأسطورة والخرافة والأمثولة والحكاية والقصة، والملحمة والتاريخ والمأساة والدراما والملهاة، والإيماء واللوحة المرسومة، وفي الزجاج المزوق، والسينما..." (مدخل إلى التحليل البنيوي للسرديات، مجلة كومينيكاسيون 8، 1966، ص7).

       وبين أن ما يقصده بالسرد العربي القديم هو سلسلة تمتد من الملاحم الرافدية (جلجامش، وغيرها)؛ وهي الملاحم التي تأثر بها الإغريق من خلال شاعرهم الكبير هوميروس، ونجد آثار تلك الملاحم واضحاً في دراسات أقامها باحثون من العرب، دعت الورقة إلى مراجعة دراساتهم أمثال الدكتور عادل جاسم البياتي في كتابه (كتاب أيام العرب، قبل الإسلام لأبي عبيدة، القسم الأول، دراسة مقارنة لملاحم الأيام العربية، جامعة بغداد 1976م)، وكتاب الدكتور محمد نجيب البهبيتي (المعلقة العربية الأولى أو عند جذور التاريخ، مجلدان 1401-1981، دار الثقافة، الدار البيضاء-المغرب)، ومجموعة أعمال الدكتور سعيد يقطين، والدكتور عبد الله إبراهيم، وكتاب الدكتور فضل العماري (الدم المقدس عند العرب، مكتبة التوبة 1425هـ2004م)، وكتاب الدكتور ياروسلاف ستيتكيفتش عن العرب والغصن الذهبي، وكتاب الدكتور منذر محمد (الجذور الرافدية للملحمة الإغريقية، بالإنجليزية)، وما قدمه سليمان البستاني في مقدمة الإلياذة. وغير ذلك مما يمكن أن نخلص منه إلى رؤية توفر عناء العودة إلى البداية في كل مرة. وقد أبرز الدكتور البقاعي بعض الملامح الملحمية في السير الشعبية (التغريبة الهلالية) وفي كتب التيجان، وأخبار عبيد بن شرية، والإكليل، وبين كيف انتقلت الأساطير اليونانية عبر الإسرائيليات إلى المفسرين فصار لدينا ما يعرف بالتفسير الأسطوري، بل إن شخصيات تاريخية تحولت إلى شخصيات أسطورية، وذكر أمثلة على ذلك.وقد طرح الحاضرون تساؤلات إشكالية ، أثرت الندوة ، وعمقت إشكالية الالتفات إلى السرد العربي القديم،من منظور المنهجيات النقدية المعاصرة.

وحدة السرديات بجامعة الملك سعود تدشن برامجها




وحدة السرديات بجامعة الملك سعود تدشن برامجها

بدأت "وحدة السرديات" الناشئة حديثاً في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود، ترسم خطاها في سياق سعي الجامعة الأكاديمية التعليمية إلى أن تكون بحثية من جانب، وأن تعمِّق شراكتها المجتمعية من جانب آخر. ومن أبرز المهمات التي  وضعت في ملف تفعيل هذه الوحدة: عقد لقاء أسبوعي لمناقشة قضية سردية أكاديمية تهم طلاب الجامعة وطلاب الدراسات العليا وطالباتها تحديداً، أو قضية سردية ثقافية في مجال الحوار والنقد... وقد حددت فعاليات شهر محرم في أربع ندوات، بدءاً بندوة حوارية مفتوحة، تناقش واقع وحدة السرديات وطموحها، ثم ندوة تناقش أبحاث السرد في الدراسات العليا بالقسم، ثم ندوة بعنوان "ثلاثة آراء وقضية" ستبدأ بتناول الكتابة النسوية، ثم "رواية بين قارئين". وعقد ندوة سنوية في إحدى قضايا السرد، وقد حددت قضية ندوة هذا العام1432هـ، بعنوان:"السرد والهوية في الرواية السعودية"، سيشارك فيها ما يقارب خمسة وعشرين باحثاً ومبدعاً،والندوة الآن في مرحلة أن تنال موافقة وزارة التعليم العالي ورعايتها. وقد دشنت الوحدة موقعها الرقمي على موقع كلية الآداب بالجامعة، وهو وسيلة مهمة للتواصل الثقافي والإبداعي محلياً وعالمياً. وتستعد الوحدة لإصدار سلسلة كتب سردية، يصدر منها كتابان في العام في المرحلة الأولى، وسيكون الكتاب الأول في مجال البناء السردي (وجهات النظر(  في الرواية. كما تستعد الوحدة لإصدار مجلة "سرديات"، وهي مرحلياً مجلة فصلية، تعنى بقضايا السرد الإبداعية والنقدية. ما يجدر ذكره أنّ "وحدة السرديات" تأسست بجهود عدد من الباحثين  في قسم اللغة العربية وآدابها، وتضم اللجنة التأسيسية التحضيرية للوحدة: د. صالح معيض الغامدي، د. معجب العدواني، د.أحمد صبرة، د. حسين المناصرة، د.محمد رشيد ثابت، وغيرهم من الأساتذة المهتمين في مجال السرديات.