الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

بحريات أميمة الخميس ووارفتها

بحريات أميمة الخميس ووارفتها
شهادة ودراسة مقارنة

بقلم : د. حسين المناصرة


كانت شهادة الروائية أميمة الخميس عن تجربتها الروائية، في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود، تشبه عودة الطائر المهاجر إلى عشه؛ حيث قدمت في بداية حديثها كلمات شاعرية، تؤكد فيها علاقتها الحميمة بهذا القسم الذي تخرجت فيه قبل عشرين عاماً. وكنا حريصين على استضافتها في "وحدة أبحاث السرديات" بالقسم؛ لنؤكد بدورنا تقدير القسم لخريجيه وخريجاته، الذين غدوا أعلاماً في الثقافة والإبداع .

لأميمة الخميس روايتان، هما: " البحريات" و"الوارفة"، ومجموعات قصصية:" والضلع حين استوى"، و"مجلس الرجال"، و"أين يذهب هذا الضوء"، و" الترياق". ولها عديد من قصص الأطفال، والمنشورات الإرشادية التربوية، وهي كاتبة مقالة من الطراز الرفيع في عديد من الأوعية الإعلامية.. وعموماً لها سيرة ثقافية إبداعية حافلة بالرؤى والجماليات.


قدمت شهادتها عن رواية "الوارفة"؛ فأشارت إلى أن الرواية تكتب آلاف المرات بعد أن تنشر، وأن بطلة روايتها ( د. الجوهرة) فتاة منزلية، تخرج إلى العالم ، وتقتحم بترياقها عالم كهنة المعرفة (عالم الذكور)، فتتشكل سيرتها العلمية والعملية والاجتماعية من خلال صولات وجولات في عالم صاخب بالذكورة؛ إذ إنها تتخطى كثيراً من العقبات؛ كي تصل إلى أهدافها وآمالها، بعد أن خرجت من المنزل الضيق؛ لتصل في النهاية إلى فضاءات كندا الثلجية... ومن ثمّ حرصت الساردة أميمة الخميس – كما قالت – على أن تجعل نهاية روايتها مفتوحة ؛ لتبقيها قابلة للتأويل وتعدد الاحتمالات.

لا شك في كون بطلة رواية " الوارفة" قد غزت بإرادتها وقوتها وجرأتها العالم كله، وفي مستوياته كلها ، بدون أن تفقد شيئاً من هويتها وشخصيتها كفتاة عربية مسلمة ، حيث إنها تعرف إلى أي حد تصبح الحرية ممارسة إنسانية ، لن تكون على حساب قيمها وثقافتها وأخلاقها ؛ لتبقى في تصرفاتها كلها تلك الفتاة التي تربت في منزل، علّمها - رغم قساوته وإجحافه بحقها- كيف تكون التربية تربية سوية، تحدد من خلالها الفتاة طريق النور نحو بناء الذات المحترمة ؛ لتترك طريق التحرر الوهمي، غير الأخلاقي على أية حال!!


وتبدو دراسة سمر المزيد المقارنة، وهي بعنوان :(ظاهرة التناص النسوي بين روايتي "كبرياء وهوى" لجين أوستن، و"البحريات" لأميمة الخميس") ،قد كشفت عن وجود معاناة حقيقية تعيشها المرأة في هذا العالم؛ سواء أكانت هذه المرأة تعيش في الرياض أم في ريف إنجلترا أم في العصر الجاهلي؛ لأن المعاناة متشابهة عندما تسيطر الثقافة الذكورية على المجتمعات؛ لذلك كان التشابه واضحاً بين النساء في روايتي "كبرياء وهوى" لجين أوستن، و" البحريات" لأميمة الخميس؛ من خلال أنساق: الهيمنة الذكورية، والتعليم، والزواج، والحركة، والعمل، والعلاقات الاجتماعية، وغيرها.

وفي هذا السياق المقارن لا بد أن تطرح إشكاليات تقسيم الأدب بين نسوي وذكوري، ومن ثمّ الحديث عن مشروعية وجود نقد نسوي، والخلاف بين الأنا والآخر في النظرة إلى العالم، والخلاف في بعض المفاهيم والمصطلحات؛ مثل : التناص، والحوارية، والتأثر والتأثير، والذكورة، والأنوثة، والالتزام، والتمرد...إلخ، وهي قضايا أثيرت من خلال النقاشات الحيوية، التي شارك فيها عدد من الأساتذة والأستاذات.


شارك في الحوار كل من: د. صالح بن معيض الغامدي، ود. حمد البليهد، ود. منذر كفافي، ود. عبد الحق بلعابد، ود. أحمد صبرة، ود. ميساء الخواجا، ود. وداد نوفل، ود. هيفاء آل سعود، ود. مضاوي مشعل. وأدار الندوة د. منال العيسى ، وحسين المناصرة.

وفي هذا السياق، أكدت الأستاذة أميمة الخميس أنّ الأستاذة سمر المزيد أعادت كتابة رواية "البحريات" من خلال مقاربتها التناصية، وهي كتابة جديدة ولافتة... وهذا ما لمسناه أيضاً في قراءة المزيد المقارنة الجادة، خاصة أن هذه الباحثة ما زالت طالبة دراسات عليا في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة الملك سعود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق